الرئيسية » » لم أعرف بعد | رغدة مصطفي

لم أعرف بعد | رغدة مصطفي

Written By Unknown on الجمعة، 5 يونيو 2015 | 11:22 م

لم أعرف بعد
ما يحدث بالأسفل
لشخص أهالوا عليه التراب.
نواح الأقارب فوقه
هو كل ما يصلني.
لم أتخيل بعد
حكايا الجنود
في ساحات المعارك البعيدة هناك
أعرف صمت الرجال القادمين
والعُصي على الأجساد
والرصاص في الحناجر
من جنود هنا في الديار.
لم يُزج بي بعد
في السجن
لُقنت الحذر
وتجنب الخارجين منه
والثرثرة مع البقية عنهم.
لم أعرف بعد
ما يدور في الغرفة الحمراء المغلقة
أعرف عيون النسوة
المتسعة خبثًا فَرِحًا
بمعرفة الأسرار
همساتهن وضحكاتهن
الخافتة الفاحشة
حول العروس
غمزهِن لها
وقرص ذراعيها وفخذيها مرارًا.
لم أصل بعد
لأعماق البحر وحيواته بالأسفل،
لم أصل للشط الآخر
أنظر للسفن المبحرة للبعيد
للمراكب الراسية هنا
أتمشى على الرمال
أتعثر بما تقذفه الأمواج
من بقايا
وما تسحبه من جثث
أرقص مع موجه ذاك
أدعه يأخذ جسدي
ذهابًا وإيابًا
أقفز فرحًا مع موجه العالي
وأنام بحذر على سطحه الناعم
بيدِ لأحدِهم كوسادة تسند رأسي
كي لا أشرب من مائه.
أسمع وشوشات صدفه
دون أن أفهم
ما يرغب البحر بقوله.
لم أتجول بعد
في الصحراء البعيدة.
أنظر طويلًا لجبالها الممتدة هنا
أنصت لصمتها المخيف
والمغوي
يناديني دومًا.
لم أقتل بعد
لم تغرق يداي في الدماء
ولم تتناثر قطرات منها على وجهي.
أحس بالرغبة المشتعلة داخلي
وأنا أدهس بكعب حذائي المدبب
قلوبًا
أرفع سطح قدمي لأعلى
لأتكئ على القلب
بنصل الكعب فقط
وألف دورة كاملة وراء أخرى
كما كنت أفعل تماما
وأنا طفلة
بساحة اللعب في المدرسة
دون أن أدهس شيئًا حينها.
لم أسقط بعد
في الهاوية
أقف على حافتها
بقدم مترددة
ولا أطيل النظر
لظلامها الدامس.
قُل لي إذًا
كيف يُزج بي
لنعيم الجنة أو لأهوال الجحيم
وأنا لم أعرف بعد
كل هذا!


التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.