الرئيسية » » في حياةِ موازيةِ | رغدة مصطفى

في حياةِ موازيةِ | رغدة مصطفى

Written By هشام الصباحي on السبت، 20 يونيو 2015 | 9:50 م

في حياةِ موازيةِ، سأتخلى عن هيئتي البشرية اشتهاءً للتخفي، لا زُهدًا في الحياة. ربما سيبدأ الأمر زُهدًا في لحظةِ نبيلةِ للحزن. لكن، ومع تقلبات النفس، سيغريني اللهو لا محالة مع قلة الصبر على بلوغ الحكمة من الصمت والعزلة. 
سأتخفى وأتجلى عصًا في يد حاكم عسكري. كلما همَّ بتوجيه أوامر لحاشيته، مشيرًا بها كامتداد لأصبعه القصيرة، أو ملوحًا بها وهو يُخاطب الجموع بكلمات جوفاء، اهتزت العصا رقصًا، واهتز الحاكم من ورائها جراء سعيه المحموم لتَملُكِها. وبينما يتحول أفراد حاشيته لبالونات منتفخة بالضحك المكتوم خوفًا، تضج القاعة بضحك الجموع الماجن، حتى يتسلل الأطفال للّهو بالبالونات المنتفخة، بأصابعهم الصغيرة كإبر الخياطة، فتنفجر في وجه الحاكم الراقص.
أتجلى ذبابةً لعيني قاتل. تُذهِب بدورانها المتواصل تركيز عقله، مع طنينِ مستفزِ يُحيل صمته المتربص لغضب أهوج، يُمكن فريسته من الهرب.
أتجلى أشواكًا لزهرة. استمتع معها بوخز الأصابع، وإسالة قطرات دماء صغيرة من هؤلاء المنتشين بالعطر، لأُذيقهم لذة الألم مع السُكر.
أتجلى خلخالًا فضيًا. يرن بقدم فتاة خجول. يُغريها وقع خطاه، فتستسلم لجمال الخطو بدلال وخطره، وهي تتلمس طريقها من طفلة لأُنثى.
أتجلى شربة ماء في جوف أمي، أختتم بها صيام قد طال. وأتجلى عكازًا لأبي يتوكأ به على سنين جاحدة قادمة.
أتجلى حُلمًا ملونًا للصغار. أنتظر بشغف حديثهم عنه صباحًا، ما قد يذكرونه، وما قد يضيع.
أتجلى صلصالًا في أيديهم. أترك نفسي لخيالهم يُشكلني كيفما يشاء، أتركهم يقتسمونَّي فيما بينهم، لأتفتت قطعة قطعة بين أيديهم.
رغدة مصطفى

التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.