الرئيسية » » في البدء كنتُ أنا. | رشا صاق

في البدء كنتُ أنا. | رشا صاق

Written By Unknown on الخميس، 11 يونيو 2015 | 1:49 م

في البدء كنتُ أنا.
الآن أبدأً مرّتين. بدأتُ من قبل عشرَ مرّاتٍ ومئةَ مرّة وألف مرّةٍ لكنّني كنتُ أعودُ من حيث يزهر المشمش في حنكة العشق. اليومَ قطفتُه كلّه عن ذراعيكَ وقشّرتُ النوى ورميتُ. كان يا ماكان كان هناك بنتٌ تحبّ مشمشكَ وتحبّكَ أكلت منكَ ولم تشبع فنزلتْ حافيةً من بيتها الجبليّ وزرعتك بذرةً بذرةً في الطرقات وفي الغاباتِ وفي بطن البحر وفي عين العين... كبرَ الحبُّ ومشمش الحكايات تشجّرَ في لمحِ البصرِ ولم أبصركَ بين الثمر الكثيفِ الكثيف يلفّ حول الأرضِ ويعود إلى كفّي. الهواءُ مشمشٌ السماءُ مشمشٌ الموسيقا مشمشٌ الكلمةُ مشمشٌ وكانَ المشمش تفّاحةَ جنّتنا الأولى قطفتَ منها وأغويتني بالسكّر وبمخملِ القلب...أرأيتَ كيفَ عادت البدايةُ إلينا كأنّها أوّل قبلةٍ أو أوّل (خناقة) فوقفنا نغتسلُ ثلاثتنا في حليبِ الآلهة: أنا وأنت ومشمشنا....
ليس موسمَ المشمشِ الأرضيّ الآنَ, بل مشمشنا ذاكَ بالذّاتِ الذي نتظلّل بجسده ونخمشه بأظافرنا وننساه معلّقاً إلى أن يسيل عسلاً على القبلة, ليس موسم القبلة الآنَ لأنّ الحبّ صيفيّ قمريّ بحريٌّ مؤتَمَنٌ على الجنّة, ليس وليس وليس....
ستحزرُ أنّه موسمُ عيد ميلادكَ يعود كما أبدأ في حبّكَ من جديد....
أريدُ أن أشعلَ لك غابةً, غابةً بأكملها من المشمشِ وأن تتفرّج منذهلاً على غاباتكَ المحترقةِ وتشمّ رائحةَ السكّر الدائخِ وتضحكَ من شمع عيد الميلادِ الباذخ باحثاً عن ريحٍ عن عشقي عن أنفاسي لتطفئ هذا الحريقَ...
أريدُ أن أفتح لكَ كفّي الخاوي وأن أفاجئكَ حين تنمو منها شجرةٌ كبرى ويهرهر المشمش عليكَ من باطن قلبي...
أريد أن أقرأ لك كلّ النصوص التي قتلتكَ فيها, وأن أقتلكَ حقّاً بعد ذلكَ وأتأمّل موتكَ الجميلَ, الأجمل من طعم المشمش...
أريدُ أن أبدأَ من جديد بسيرة المشمش, أن أقابلك للمرّة الأولى, أن ألمح غوايتكَ الأولى, ربطة عنقكَ الأولى, ضحكتكَ الأولى, سيجارتكَ الأولى, قشرتكَ الأولى, شجرتكَ الأولى...وأن أحبّك مشمشةَ مشمشةً من عيد ميلادك الأول حتى آخر مشمشةٍ في الأرض...
كل عام وأنت مشمشي الهندي..



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.